يعتبر البحث العلمي المحرك الأساسي لتقدم الشعوب في مختلف مجالات الحياة الاقتصادية و الثقافية و الاجتماعية و السياسية و القانونية، و لقد تفطنت الدول المتقدمة لهذه الأهمية للبحث العلمي فعملت على تشجيعه و تطويره، و لكي تواكب الدول المتخلفة التطور العلمي و التكنولوجي الذي شهدته الدول المتقدمة يجب على قادتها السياسيين أن يعيروا اهتماما كبيرا بالبحث العلمي من خلال تخصيص أكبر نسبة من الميزانية للبحث العلمي .

            إذا كان البحث العلمي من المعايير الأساسية و الرئيسية للحكم على مدى تقدم هذا البلد أو تخلفه، من خلال اعتباره المحرك الأساسي للتنمية، فإن المنهجية تعتبر العمود الفقري للبحث العلمي ذاته، فليس هناك بحث علمي دون منهج دقيق يتناول دراسة المشكلة و يحدد أبعادها و جوانبها و مسبباتها، إذ  لابد من طريقة أو كيفية عقلانية تتبع لتقصي الحقائق و إدراك المعارف و ترتيب الأفكار للتوصل إلى نتائج معرفية جديدة و مقبولة. فهناك علاقة وطيدة بين الفكر و المنهج، حيث يؤثر هذا الأخير المن  على الفكر في إعداد البحوث بمختلف أنواعها. إن التفكير المنتظم يتم استخدامه حتى في شؤون حياتنا اليومية أو في النشاط الذي نبذله حين نمارس أعمالنا المهنية المعتادة أو في علاقاتنا مع المجتمع، فالمنهجية مادة ليست كسائر المواد التي لها مضمون نظامي محدد، فهي مادة عامة و شاملة لكل مجالات المعرفة العلمية، فهي القاسم المشترك بين النظم العلمية مع مراعاة طبيعة كل مجال علمي و خصوصياته، و من ثم ترتبط المنهجية بالعلوم القانونية بمختلف فروعها و أقسامها، فهي  تهدف إلى إعطاء الدارس الطريقة و الأسلوب العلمي المنطقي في التعامل مع المواضيع في منهجية العلوم القانوني المختلفة، و تزوده بأدوات و أساليب للحصول على المعلومات اللازمة لإنجاز البحث العلمي

         . إن المنهجية تعلم الباحث كيف يفكر، كيف يبحث، كيف يكتب و كيف يعرض و كيف يناقش و كيف يستخدم قدراته الفكرية استخداما سديدا في استخراج المسائل القانونية من الواقع المعاش، و كيف يبحث عن الحلول القانونية لها، و من ثم كيفية عرض هذا الحل بطريقة علمية و أسلوب مقنع .